١٠ ديسمبر ٢٠١١

الفرعيات وما تم استحداثه من مسميات

          بعد أن منَّ الله علينا بقطع شوط طويل في مسيرة الإصلاح الوطني، متمثلا ذلك في تغيير رئيس الوزراء السابق – الميئوس منه – وحكومته ... وبعد أن قام سمو الأمير بحل البرلمان الذي كان شريكا لرئيس الوزراء المخلوع والذي لا يقل عنه فسادا ... بقي علينا أن نواصل مسيرة الإصلاح الوطنية حتى نصل بالكويت سلطةً وشعبا إلى بر الأمان والاستقرار الذي طالما ناضلنا من أجل الوصول إليه.
          في ظل الأوضاع الراهنة، ونحن في صدد انتخابات برلمانية مبكرة ... يجب أن نكثف جهودنا في إيصال أصحاب الكفاءات والمواقف المشرفة – وما أكثرهم – إلى مجلس الأمة ليكونوا خير من يمثلنا في قبة عبدالله السالم.
          وحيث أن اختيار أصحاب الكفاءات والأفكار البناءة يتعارض مع "الانتخابات الفرعية" التي غالبا ما تكون مخرجاتها ونتائجها ليست مبنية على مبدأ الكفاءة والقدرات الشخصية التي يسخرها صاحبها في خدمة الوطن، وهذا ما أثبتته نتائج الانتخابات السابقة ... فانه يتوجب علينا جميعا أن نقاطع تلك "الفرعيات" التي أضرتنا ولم تفدنا بشيء، وأن نقاطع أيضا كل ما تم استحداثه من مسميات لا تختلف في مضمونها عن "الانتخابات الفرعية".
          إن الأسباب التي تدعونا إلى مقاطعة "الفرعيات" أكثر من أن استطيع حصرها، ولكني سأقوم في مقالي هذا بسرد ابرز الأسباب التي تدعونا إلى ذلك ... فكما يعلم الجميع أن "الانتخابات الفرعية" مجرمة طبقا للقانون الذي أيدته المحكمة الدستورية في حكمها الصادر منذ فترة قصيرة ... وحسب رأيي الشخصي، فإن مجرد مخالفة "الفرعيات" للقانون هو سببٌ كافٍ للعزوف عنها وعدم المشاركة فيها أو السماح بتنظيمها ... فكوني شاب كويتي شارك في الحراك الشبابي الذي كان من ضمن مطالبه الجوهرية تطبيق القانون على الجميع، ليس من المنطقي إطلاقا أن أقوم بعد أن حققنا الكثير من مطالبنا بخرق القانون الذي طالبت بتطبيقه ... وقد قال تعالى في محكم التنزيل < يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود > ، وما الدستور إلا بعقدٍ بين الحاكم والمحكوم.
          علاوة على ذلك، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الحديث الصحيح أنه قال في حجة الوداع وهو في منى < يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فليبلغ الشاهد الغائب > ... وكل من يتدبر قول الله تعالى والحديث السابقان، يستنبط منهما أن التعصب الفئوي والقبلي منهيٌ عنه شرعا – كما انه مجرم قانونا، وأن معيار المفاضلة بين الناس هو التقوى، ومن التقوى أن يكون الإنسان مراعٍ لمسؤولياته المناطة به ... هذا يعني أن الأولى باختيارنا يجب أن يكون "التقي" وليس على أساسٍ "قبلي".
          كما أن "الفرعيات" تعزز الولاء للقبيلة على حساب الولاء للدولة، وهي كذلك تعني أن القبيلة تأتي قبل الوطن، وعليه فإن مقاطعتها عامل رئيسي في صهر المجتمع كاملا بدلا من أن تجعله طوائف وفئات وقبائل متنافسة على مصالحها الطائفية أو الفئوية أو القبلية ... وهنا يأتي السؤال الذي يجب أن يسأله كل فرد منا نفسه: أفحكم الجاهلية تبغون؟
          ويجب أن أنوه على نقطة مهمة، وهي أن الانتماء للقبيلة أو الفئة أو الطائفة ليس بالأمر المعيب أو المشين، بل إنه أمر مشروع لكل إنسان أن يفتخر ويعتز بأصله وطائفته، ولكن يجب أن ينحصر ذلك الافتخار والاعتزاز في الجانب الاجتماعي وليس السياسي.
          في الختام، أود أن أذكّر أبناء جيلي من الشباب بشكل خاص وكافة الكويتيين بشكل عام أننا أمضينا ما يزيد على السنتين نحارب الفئوية والطائفية والقبلية التي عانينا منها بسبب نهج الحكومات السابقة والإعلام الفاسد، وغيرهما من الأدوات التي مزقت النسيج الاجتماعي الكويتي ... وبفضل من الله تغلبنا على كل تلك الأدوات وجسّدنا وحدتنا الوطنية في مواقف وتجمعات كثيرة، فكيف لنا بعد أن قمنا بذلك كله أن نعود إلى الوراء بمشاركتنا في "الفرعيات"؟

المحامي/ فيصل حمدان الظفيري
Twitter: @FaisalLawyer

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق